dimanche 23 septembre 2007

كرونولوجيا محنة «الوطن الآن»

17 يوليوز 2007: اعتقال الزميلين أريري وحرمة الله ووضعهما تحت الحراسة النظرية
* 21 يوليوز: وقفة تضامنية أمام مقر الجريدة، وتشكيل اللجنة الوطنية للتضامن مع «الوطن الآن»
* 26 يوليوز: محاكمة أريري وحرمة الله، الجلسة الأولى
* 26 يوليوز: الأمير مولاي هشام يتضامن مع «الوطن الآن»
* 31 يوليوز: الجلسة الثانية من المحاكمة
* 2 غشت: الجلسة الثالثة من المحاكمة
* 7 غشت: الجلسة الرابعة من المحاكمة
* 15 غشت: أدانت المحكمة الزميلين أريري بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وحرمة الله بثمانية أشهر حبسا نافذا
* 15 غشت: هيأة الدفاع واللجنة الوطنية للتضامن تقرر استئناف الحكم
* 23 غشت: زيارة تضامنية لعائلة حرمة الله قامت بها ثماني هيآت حقوقية وإعلامية ونقابية وثقافية

الوطن الآن : !حتى لو أقفلوا عليك في قعر مظلم:مصطفى حرمة الله بعيدا عن العين قريبا من القلب

قضى، الآن، قرابة شهرين، في زنزانة باردة، كأنهم ينتقمون منه بالزج به في الوحدة والظلام والحزن والانسدال.. إنه زميلنا مصطفى حرمة الله الذي تتساقط أيامه رتيبة، بعيدا عن ابنه سفيان وزوجته وأهله وإخوانه، بعيدا عن قهوة الصباح ومائدة المساء، بعيدا عن دفاتره وأقلامه، بعيدا عن هاتفه النقال الضاج بالرنين والارتعاش..
رموه، رغم أنف زملائه الصحافيين وأصدقائه الحقوقيين، في قعر مظلم وتركوه وحيدا يزدرد اليأس ويستجدي النوم ويصارع الرتابة ويحصي الدقائق والساعات والأيام. أرادوا أن يرغموه على استضافة الكوابيس في أحلامه، ونسوا أن الصحافي المؤمن بقضيته يملك جناحين يفردهما في وجه السماء، وأنه أبدا يبحر في ماء لا يقرب أمواجه المصطخبة إلا مغامر أو نبي..
لم يأت مصطفى إلى المكتب. لم تعد ضحكته تصطفق في «الوطن الآن» كجناح بجعة. لم تعد مقالبه تتدحرج على بعضها، فهو الآن محاصر بأبراج سجن عكاشة ومطوق بحراس شداد متحفزين كأنهم أشباح بعمامات سوداء.. هو الآن، حزين وحزين وحزين، لأن الأضواء في عينيه باردة كالمآتم، ولأنه مشتاق إلى سفيان والأهل والمدينة والشارع والمقهى والليل والضوضاء والناس.. هو الآن حزين وضامر وعرق الصبر ينضح من جسمه كمن به حمى.. هو الآن ينظر بإشفاق شديد لمنتجي التهم وعابري سبيل السلطة الذين حولوه إلى «محارب نينجا» استطاع كسر حواجز المخزن وأسلاكه الشائكة وحراسه وأجهزة إنذاره ليسطوا على وثائق «بالغة السرية»! (هكذا زعموا..). فأغلب خانات التهمة مازالت فارغة، وتنتظر قضاء غير موجه عن بعد ليملأها.. تنتظر قضاء غير مغمى عليه، وتنتظر قضاة خارج الأكفان!
مصطفى، الآن، الذي قد ينتظر شهورا أخرى، إذا لم ينصفه قضاء الاستئناف، يرافق صبره على أرض مبللة برضاب الأرصفة الجائرة، ملفوفا بسماء معتقلة، ولا يفتح عقله أو خياله أو أمانيه إلا ليقول:«افتحوا الأبواب!»
مصطفى الآن يعد أيام سجنه ويصارع الوقت بإرادة، ولا ينصاع لأماني الجلاد، ولا لسياطه، ولا لعلبة الاتهام التي يريدون حشرها في ذاكرته..
مصطفى الآن مؤازر بأصدقائه وزملائه وقرائه الذين يتطلعون إلى زيارته في زنزانته، مؤازر بإصرارهم على معانقته، حتى وإن وقف جبن الجلاد في وجههم، حتى وإن نصب السجانون الخنادق، وهددوا وشمتوا.. حتى وإن طارت المعزة وولدت البغلة!

الوطن الآن : رفعتها منظمات حقوقية وصحافية وثقافية إلى أحمد حرزني:نطالب بالإفراج عن حرمة الله ورفع المتابعات عن الصحافيين


العدد 257
إثر اللقاء الذي جمعنا بكم رفقة السيد الأمين العام للمجلس ومجموعة من مساعديكم يوم الجمعة 24 غشت الأخير، نود أن نعرض على أنظار المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ، مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات في مجال حرية الصحافة. والتعبير
وفي هذا الإطار، فإننا نسجل الانتهاكات التالية:
أولا: قضية «الوطن الآن»
1 ـ تم اعتقال الصحافيين عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة الله، من «الوطن الآن» يوم 17 يوليوز 2007، بناءا على وثيقتين نشرتا في هذه الأسبوعية.
واستمر هذا الاعتقال، تحت الحراسة النظرية 96 ساعة، تم تمديدها لنفس المدة كما لو تعلق الأمر بجريمة المس بأمن الدولة. والحالة أن الصحفيين توبعا في البداية بتهمة «نشر مقالات تمس بالنظام العام»، كما يتبين من محضر الشرطة القضائية المؤرخ بـ 2007/07/17، وانتهى الأمر بمتابعتهما بتهمة أخرى تتعلق بـ «إخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة»، وكلتا التهمتين لا تسمحان بتطبيق ذلك الإجراء الاستثنائي والمطول للحراسة النظرية؛
وبهذا، الصدد نسجل ما يلي:
- إن التهمة الموجهة للزميلين أريري وحرمة الله، لا تستند على أساس قانوني أو واقعي، إذ أنهما في إطار عملهما المهني وخدمة لحق المواطنين في الإعلام الذي ينص عليه الفصل الأول من قانون الصحافة بادرا إلى نشر وثيقة اقتنعا أن من حق المواطنين الإطلاع عليها لفهم التعبئة والاستنفار الأمني الكبير الذي أعلنت عنه السلطات ورددته مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة.
فالصحافيون يبحثون عن الأخبار، ويحصلون على المعلومات بمختلف أصنافها قصد نشرها وهذا يدخل في صميم العمل الصحافي الذي لا يحده إلا قانون الصحافة بكيفية صريحة.
 يحدث في العديد من البلدان الديمقراطية أن يحصل الصحافي على أخبار أو وثائق سرية، قد تكون لها خطورتها على مستوى الأمن الداخلي أو الخارجي، وتقوم السلطات القضائية باستجوابه، للكشف عن مصادر أخباره ومعطياته، دون أن تعتقله فبالأحرى أن تخضعه لنظام قاس للوضع تحت الحراسة كما لو كان مجرما خطيرا.
- لقد تم اعتقال زوجة الصحفي حرمة الله السيدة وفاء لومو بمعية رضيعها وتم وضعهما تحت الحراسة النظرية في غرفة مجاورة له من السادسة والنصف مساء يوم 2007/07/18 إلى غاية الثالثة بعد الزوال من يوم 2007/07/19 بحيث تضاعفت معاناة الصحفي وهو يسمع طيلة الليل صراخ طفله مما يشكل إكراها مورس عليه قصد الإدلاء بمصدر معلوماته، وهو إكراه يرتب عليه القانون نتائج طبقا للمادة 293 من المسطرة الجنائية، كما يشكل اعتقالا تعسفيا لزوجته ورضيعها، حيث لم يكن هناك مبرر للاحتفاظ بهما بعد أن أمضت الزوجة على محضر الاستماع الخاص بها مساء 18 يوليوز 2007.
- لقد أذاعت وكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط يوم 2007/07/24 على الساعة الواحدة ودقيقتين خبرا يتضمن كون النيابة العامة قررت إحالة الصحفيين على العدالة وبأنها اتخذت قرارا بإيداع الصحفي حرمة الله في السجن بينما قررت إطلاق سراح زميله عبد الرحيم أريري .وقد أذيع الخبر في الوقت الذي كان الصحفيان لازالا يخضعان للاستنطاق لدى النيابة العامة بالدار البيضاء رفقه جمهرة من المحامين الذين استفسروا ممثل النيابة العامة إن كان الخبر صحيحا فأكد أمامهم أنه لازال لم يتخذ أي قرار.
إن هذه الواقعة تفضح المس الخطير باستقلال القضاء.
2 - إن مجريات محاكمة أسبوعية «الوطن الآن» شابتها عدد من الانتهاكات:
- فالنيابة العامة اتهمت الصحافيين، أريري وحرمة الله، بإخفاء وثائق، متحصل عليها من جريمة، وعندما طلب الدفاع الإطلاع على الوثائق ومعرفة الجريمة التي تحصلت منها، أجابت النيابة العامة بأن الوثائق منشورة في الأسبوعية وسكتت نهائيا عن الجريمة.
ومن المعلوم أن النشر يناقض الإخفاء. فالأسبوعية لم تخف الوثائق بل نشرتها وهذا النشر كان هو من حرك متابعة الصحفيين، ولو أخفيا الوثائق لما تمت المتابعة أصلا؛ وبما أن المتابعة تمت بسبب النشر فقد كان يجب أن تحصل طبقا للباب الرابع من قانون الصحافة إن كان هناك فصل يسمح بها؛
- إننا نعتبر أن لجوء السلطات القضائية باستمرار إلى القانون الجنائي تجاه الصحافيين، هو محاولة لإسقاط قانون الصحافة، على علاته، وسلوك نهج يهدد بالتراجع على كل الضمانات التي يمكن أن يوفرها هذا القانون الخاص حاليا ولاحقا. ولا يمكن في هذا الصدد التذرع بالفراغ القانوني في التعرض لبعض الحالات، لأن مثل هذا المنطق لا يمكن قبوله لتبرير اللجوء إلى القانون الجنائي، بهدف توريط الصحافيين، عبر تأويلات متخلفة وضيقة للنصوص.

- لقد رفضت هيئة الحكم الطلبات المتكررة والمعللة للدفاع بمتابعة الصحفي حرمة الله في حالة سراح أسوة بزميله عبد الرحيم أريري، وقررت الاحتفاظ به في السجن من تأجيل لآخر ومن جلسة لأخرى كما لو كان مجرما خطيرا.. وبموقفها هذا عبرت هيئة الحكم عن تجاهلها لكون الاعتقال الاحتياطي هو إجراء استثنائي لا يطبق إلا في أضيق الحدود في حالة المجرمين الخطرين أو عندما لا تتوفر في المتهم ضمانات الحضور. كما أن الهيئة خرجت عن الحياد المفترض أن تسلكه متجاهلة قرينة البراءة الذي يفرض عليها ألا تكون اقتناعها الصميم بالإدانة أو خلافها إلا بعد انتهاء المناقشات. وأخيرا فبمتابعته في حالة اعتقال فوتت الهيئة عن الصحفي حرمة الله فرصة الحفاظ على حريته بانتظار أن يصبح الحكم نهائيا بعد استنفاد وسائل الطعن المتوفرة.
إن مجمل هذه الوقائع تؤكد أن الاعتقال، المطول والممدد، الذي تعرض له الصحافيان وما أحاط به من خروقات، بالإضافة إلى الإدانة التي صدرت عن المحكمة الابتدائية بالبيضاء بتاريخ 2007/08/15، لم تستند على أسس صحيحة، وشابتها انتهاكات عديدة للقانون.

ثانيا: قضية «نيشان» و»تيل كيل»
إن الواقعة، التي تلت، قضية «الوطن الآن»، تؤكد بدورها سـلوك السلطـــات، الذي لا يعير للقانون أي اهتمام. ويتعلق الأمـــر بحجز أسبوعيـــة «نيشان» وإتلافهــا في المطبعة، مع أسبوعـــــــية «تيل كيل» ومتابعة مديرهما أحمد بنشمسي.
وفي هذا الصدد، نسجل ما يلي:
- إن قرار حجز «نيشان» قرار غير صحيح، ذلك أن الملف المنشور حول الجنس في الإسلام لا يتضمن إلا مقتطفات من كتب تراثية، توجد في المكتبات والخزانات العامة بالمغرب، كما هو الشأن بالنسبة للصور التي رافقت النصوص، ولا توجد، حسب اعتقادنا، أية مبررات للقيام بحجز هذا العدد من طرف السيد الوزير الأول.
- لقد اتضح بعد ذلك ومن خلال المتابعة أن السبب الرئيسي للحجز راجع إلى الافتتاحية المنشورة فــــي «نيشان»، وهذه المتابعة لا تسمح بالحجز المسبق للجريدة أو إتلافها خارج حكم القضاء.
- إن الإتلاف الذي تعرضت له أسبوعية «تيل كيل» في المطبعة، غير قانوني نهائيا، ذلك أن الفصل الرابع والستين من قانون الصحافة لا يتيح للسلطات أن تقوم بإتلاف العدد، إلا بأمر من المحكمة. وهذا لم يحصل.. كما أن إتلاف كل نسخ العدد المزدوج 286/285 من «تيل كيل» البالغ خمسين ألف نسخة، كبد الصحيفة خسارة مالية تتجاوز مليون درهم. حسبما أفاد مديرها، وهذا يشكل عقوبة غير مشروعة تمت خارج نطاق القانون والقضاء؛
- وبالإضافة إلى هذه الخروقات، فإن عدد «تيل كيل» الذي تم حجــــزه وإتلافــــــــه، لا يتضمن أية مواضيع، ذات صبغة منافية للأخلاق الحسنة أو تشكل خطرا على الأخلاق والآداب العامة.
فما تم مع «تيل كيل» ليس إلا عملا انتقاميا، سببه الحقيقي، الافتتاحية المنشورة، حول الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش.
- إن الافتتاحية المنشورة في «نيشان» و»تيل كيل» تتضمن تحليلا نقديا للخطاب الملكي، وإذا كانت قد تضمنت بعض الكلمات بالدارجة، فإن هذا لا يشكل إساءة لشخص الملك.
- لقد تم استنطاق السيد أحمد بنشمسي لمدة بلغت عشرين ساعة السبت 2007/08/04 من الساعة السادسة مساء إلى الثانية من صباح الأحد 2007/08/05، ثم من التاسعة صباحا إلى التاسعة ليلا من نفس اليوم. وقد تم تعمد تطويل مدة الاستنطاق، حيث أن نفس الأسئلة تكررت مرات عديدة من أشخاص مختلفين، كما أن الاستنطاق تخللته عدة ساعات من الفراغ بلغت أحيانا ساعتين. ولم يسمح للصحفي خلال هذا الاستنطاق الطويل بمغادرة ولاية الأمن ولا استعمال هاتفه لطمأنة عائلته، رغم أنه لم يكن رسميا موضوعا تحت الحراسة النظرية. إن هذه الممارسة تشكل عملا تحكميا في حق الصحفيين، فأي استنطاق يجب أن يتم في ظروف وأوقات معقولة وإلا اعتبر اعتداء على الحرية وشططا في استعمال السلطة.
ثالثا: تهديد المطابع
- دعت وزارة الداخلية أصحاب المطابع إلى اجتماع وقامت بتهديدهم، طالبة منهم أن يراقبوا ما يطبعونه. وهذا مناف تماما للقانون، حيث أن مسؤولية أصحاب المطابع موضحة، طبقا للفصل 67 من قانون الصحافة.
ولا يخفى أن مثل هذه الإجراءات تعني العودة إلى الرقابة المسبقة، التي كان المغرب قد أنهاها سنة .1977
رابعا: معتقلو فاتح ماي 2007
إن اعتقال ومتابعة ومحاكمة مجموعة من المواطنين وإدانتهم بعقوبات قاسية، تم تشديدها في المرحلة الاستئنافية، قد شابتها خروقات عديدة إلى درجة أن منظمة العفو الدولية قد تبنتهم بصفتهم معتقلي رأي وكمنظمات حقوقية ومدنية تدافع عن حماية الحقوق وعلى رأسها حرية التعبير طبقا للمرجعية الدولية ولضوابط المحاكمة عادلة، فإننا نعبر عن تضامننا مع المواطنين المعتقلين. وفي نفس الوقت نعبر عن استنكارنا للاعتداء الذي طال مجموعة من مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عندما قرروا التظاهر سلميا للتضامن مع المعتقلين.
وكما وعدنا رئيس المجلس، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ستوافي المجلس بتقرير مفصل عن الانتهاكات التي حصلت في هذا الملف..
السيد الرئيس،
إن مجمل هذه الانتهاكات والخروقات تشكل تهديدا خطيرا لسيادة القانون، حيث أن السلطات المغربية تصرفت فيها بدون احترام النصوص القانونية.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر فتح نقاش حول مشروع قانون الصحافة، والتقدم على هذا المستوى، في اتجاه احترام مبادئ حقوق الإنسان، فإن ما حصل، طبقا للوقائع المشار إليها في هذه المذكرة، يعيد المغرب إلى وضع مترد، يكرس استعمال القانون الجنائي ضد الصحافيين، واعتقالهم وسجنهم بسبب عملهم المهني، والتعامل معهم بطرق تعسفية، واستنطاقهم الساعات الطوال، حيث يتحول مجرد الاستنطاق إلى اعتقال فعلي.
لذلك، فإننا نأمل منكم رفع هذه المذكرة إلى أعضاء مجلسكم قصد اتخاذ موقف مبني على القانون وعلى معايير حقوق الإنسان التي تشكل مرجعيتكم كمؤسسة وطنية في شأن هذه الخروقات الخطيرة، التي أدانتها العديد من الهيآت الوطنية والدولية، وكذلك الصحافة المغربية بما فيها صحف ناطقة باسم أحزاب مشاركة في الحكومة الحالية، انسجاما مع الصلاحيات التي يخولها الظهير المنظم للمجلس، وكذا المهام الموكولة إليه بخصوص السهر على تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، قصد العمل على تكريس احترام دولة الحق عبر سيادة القانون وتأمين استقلال ونزاهة القضاء لضمان احترام كافة حقوق الإنسان بما ذلك حرية الصحافة.
وننتظر أن تتجسد مساعي مجلسكم قريبا لإعادة الأمور إلى نصابها، بدءا بإطلاق الصحافي المعتقل ومعتقلي فاتح ماي، ووقف جميع المضايقات في حق الصحافة والصحفيين، وصولا إلى تبني برنامج وطني شامل للنهوض بحقوق الإنسان، برنامجا متشاورا بشأنه، قصد إحداث قطيعة مع التحكمية والإفلات من العقاب وترسيخ ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان.
وتقبلوا السيد الرئيس فائق التقدير والاحترام..»
المنظمات:
جمعية هيآت المحامين بالمغرب
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
المنظمة المغربية لحقوق الإنسان
العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
اتحاد كتاب المغرب
جمعية عدالة
ترانسبارينسي المغرب
النقابة الوطنية للصحافة المغربية
الرباط،
في 27 غشت

الوطن الآن : حرمة الله والسجان!


العدد 257
بمثابرة عجيبة، تصر إدارة السجون على رفض الإذن للصحافيين والمنظمات الحقوقية والمدنية بزيارة الصحافي المعتقل، الزميل مصطفى حرمة الله. وبذلك، تكون هذه الإدارة غارقة إلى أعلى رأسها في مواصلة المسرحية الهزلية التي تتبعنا باندهاش فصولها خلال هذا الصيف. فالسلطة تزعم بأبواقها المخزنية، وحتى بقضائها الضاج، لم تأل جهدا في تبييض إجراء أمني وقضائي أثبت الدفاع، خلال مرافعاته أمام هيأة المحكمة، أنه يمس بالحقوق والحريات. غير أن الأكثر إيلاما، في هذا الموقف، هو الإمعان في عزل الزميل حرمة الله عن محيطه، كأن العقوبة السالبة للحرية، على شدتها، لا تكفي..
نحن نعلم أن السجان مغلوب على أمره، وأنه محاصر بالتعليمات الصارمة التي تحظر أي احتكاك للزميل حرمة الله مع زملائه، أو المنظمات، الوطنية والدولية، التي تؤمن بقضيته وتتبناها. غير أننا نعلم أيضا أن هذا الإجراء منحاز إلى «القيد» ومنتصر لإهدار الحقوق والحريات، ونعلم أن الذين وضعوا القيد في يده مصرون على أن القانون لا يساوي كيس قمامة إذا تعلق الأمر بالجيش، وأن «جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة» أكبر من «جريمة حجب المعلومة»، وأن الحق في الإعلام الذي التزمت به الدولة، على أعلى مستوى، ما هو إلا شعار للزينة..
رفض السماح للصحافيين، ومنهم عبد الرحيم أريري، مدير أسبوعية «الوطن الآن»، بزيارة حرمة الله يعني في ما يعنيه أن هناك أمرا باحتجازه في ما يمكن وصفه بالعزل، مثلما كان الشأن بالنسبة للمعتقلين السياسيين في المرحلة السوداء من تاريخ المغرب المعاصر، حيث كانوا يُحتجزون في مجموعات صغيرة، أو يشتركون في زنزانة أو جناح مع ثلاثة نزلاء آخرين على الأكثر، ولكنهم بخلاف ذلك معزولون عن عالمهم السياسي (أو المهني) اللهم زيارة الآباء والأمهات والأشقاء.
ويعني هذا الإجراء أيضا أن هناك توجها لاستخدام القسوة المفرطة، وأيضا غير المبررة، على رأي روبير مينار، أمين عام منظمة «مراسلون بلا حدود»، في التعامل مع هذا الملف، بما يتعارض مع التوجه الذي أعلنته الدولة في موضوع «أنسنة الحياة السجنية»، علما أن العزل ما هو في العمق إلا تعسف مجاني ما دام المعني بالأمر صحافيا، ولا يمكن إدراجه في خانة المجرمين أو القتلة..
ويعني أيضا أن الدولة ترعى سياسة انتهاكات قانونية وإنسانية عمياء لا تعترف للمعتقل بهويته، ولا ينقص في هذه الحالة (لتكتمل الباهية، كما يقول المغاربة)، إلا الحرمان من الكتابة والقراءة، والمنع من العلاج، وإلغاء الزيارت حتى وإن كانت عائلية..
ويعني أيضا أن شعارات حرية الرأي والتعبير والمواطنة وحقوق الإنسان ما هي إلا توابل وهمية في صحن الديمقراطية المغربي، وأن مصلحة الواقفين خلف الستار، فوق الحق في الإعلام، ومن يجرؤ على المس بمصالحهم يستحق أن يسحب من الأذن، مباشرة نحو الجدران..
ويعني أيضا أننا ننام ونستيقظ في ظل منظومة سياسية وأمنية وقضائية متداخلة، وأن المتحكمين فيها يحملون العصا في يد، والجزرة في اليد الأخرى، وليس للصحافيين سوى أن يختاروا.. فإن صفقوا ولفقوا، فلهم الجزرة.. وإن آمنوا برسالتهم، فما عليهم إلا تلقي الضربات.. إلى أن يأتي الفرج... «الله يحفظ ويستر»..