dimanche 23 septembre 2007

الوطن الآن : حرمة الله والسجان!


العدد 257
بمثابرة عجيبة، تصر إدارة السجون على رفض الإذن للصحافيين والمنظمات الحقوقية والمدنية بزيارة الصحافي المعتقل، الزميل مصطفى حرمة الله. وبذلك، تكون هذه الإدارة غارقة إلى أعلى رأسها في مواصلة المسرحية الهزلية التي تتبعنا باندهاش فصولها خلال هذا الصيف. فالسلطة تزعم بأبواقها المخزنية، وحتى بقضائها الضاج، لم تأل جهدا في تبييض إجراء أمني وقضائي أثبت الدفاع، خلال مرافعاته أمام هيأة المحكمة، أنه يمس بالحقوق والحريات. غير أن الأكثر إيلاما، في هذا الموقف، هو الإمعان في عزل الزميل حرمة الله عن محيطه، كأن العقوبة السالبة للحرية، على شدتها، لا تكفي..
نحن نعلم أن السجان مغلوب على أمره، وأنه محاصر بالتعليمات الصارمة التي تحظر أي احتكاك للزميل حرمة الله مع زملائه، أو المنظمات، الوطنية والدولية، التي تؤمن بقضيته وتتبناها. غير أننا نعلم أيضا أن هذا الإجراء منحاز إلى «القيد» ومنتصر لإهدار الحقوق والحريات، ونعلم أن الذين وضعوا القيد في يده مصرون على أن القانون لا يساوي كيس قمامة إذا تعلق الأمر بالجيش، وأن «جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة» أكبر من «جريمة حجب المعلومة»، وأن الحق في الإعلام الذي التزمت به الدولة، على أعلى مستوى، ما هو إلا شعار للزينة..
رفض السماح للصحافيين، ومنهم عبد الرحيم أريري، مدير أسبوعية «الوطن الآن»، بزيارة حرمة الله يعني في ما يعنيه أن هناك أمرا باحتجازه في ما يمكن وصفه بالعزل، مثلما كان الشأن بالنسبة للمعتقلين السياسيين في المرحلة السوداء من تاريخ المغرب المعاصر، حيث كانوا يُحتجزون في مجموعات صغيرة، أو يشتركون في زنزانة أو جناح مع ثلاثة نزلاء آخرين على الأكثر، ولكنهم بخلاف ذلك معزولون عن عالمهم السياسي (أو المهني) اللهم زيارة الآباء والأمهات والأشقاء.
ويعني هذا الإجراء أيضا أن هناك توجها لاستخدام القسوة المفرطة، وأيضا غير المبررة، على رأي روبير مينار، أمين عام منظمة «مراسلون بلا حدود»، في التعامل مع هذا الملف، بما يتعارض مع التوجه الذي أعلنته الدولة في موضوع «أنسنة الحياة السجنية»، علما أن العزل ما هو في العمق إلا تعسف مجاني ما دام المعني بالأمر صحافيا، ولا يمكن إدراجه في خانة المجرمين أو القتلة..
ويعني أيضا أن الدولة ترعى سياسة انتهاكات قانونية وإنسانية عمياء لا تعترف للمعتقل بهويته، ولا ينقص في هذه الحالة (لتكتمل الباهية، كما يقول المغاربة)، إلا الحرمان من الكتابة والقراءة، والمنع من العلاج، وإلغاء الزيارت حتى وإن كانت عائلية..
ويعني أيضا أن شعارات حرية الرأي والتعبير والمواطنة وحقوق الإنسان ما هي إلا توابل وهمية في صحن الديمقراطية المغربي، وأن مصلحة الواقفين خلف الستار، فوق الحق في الإعلام، ومن يجرؤ على المس بمصالحهم يستحق أن يسحب من الأذن، مباشرة نحو الجدران..
ويعني أيضا أننا ننام ونستيقظ في ظل منظومة سياسية وأمنية وقضائية متداخلة، وأن المتحكمين فيها يحملون العصا في يد، والجزرة في اليد الأخرى، وليس للصحافيين سوى أن يختاروا.. فإن صفقوا ولفقوا، فلهم الجزرة.. وإن آمنوا برسالتهم، فما عليهم إلا تلقي الضربات.. إلى أن يأتي الفرج... «الله يحفظ ويستر»..

Aucun commentaire: