mardi 24 juillet 2007

شوف تشوف : الأمير العاري


24/07/2007 رشيد نيني

في الوقت الذي لم تهدأ فيه بعد عندنا عاصفة أسبوعية «الوطن الآن»، ومحنة الزميلين عبد الرحيم أريري وحرمة الله، قرر أحد القضاة حجز وجمع مجلة أسبوعية ساخرة من الأكشاك. وإذا كان عبد الرحيم أريري قد قام بنشر وثيقة اعتبرتها النيابة العامة وثيقة عسكرية سرية، فإن المجلة الساخرة ذهبت إلى حد رسم أحد الأمراء في وضع جنسي مخل بالحياء على صدر غلافها. ومباشرة بعد صدور العدد حيث يبدو الأمير عاريا فوق سرير النوم أمر القاضي بسحب العدد من الأسواق وإغلاق موقع المجلة على الإنترنيت. ورغم أن الأمير فليبي يحب مجلة «خميس» الساخرة، مثله مثل والده الملك خوان كارلوس الذي قال لمدير المجلة أنه يحب أخذ نسخته منها إلى جزيرة مايوركا عندما يذهب لقضاء عطلته السنوية، إلا أن القاضي الإسباني «ديل ألمو» كان له رأي آخر، واعتبر أن إقدام المجلة على رسم ولي العهد عاريا وهو يقوم بواجبه الزوجي مع شريكة حياته على غلاف المجلة الساخرة الأكثر انتشارا في إسبانيا، يشكل إهانة للأسرة الملكية. المشكلة أن الأسرة الملكية كمدتها وسكتت، لم تطلب من القضاء سحب المجلة ولم تعلن عن نيتها في متابعة مديرها ولا الرسام الذي حامت برأسه فكرة رسم ولي العهد وهو يقول لزوجته أنها إذا حملت بمولود جديد فإن هذا سيذكره بالشغل الذي قام به طيلة حياته السابقة، في سخرية واضحة من قرار الحكومة إعطاء كل عائلة تمنح إسبانيا مولودا جديدا مبلغ 2500 أورو. هذا يعكس شيئا واحدا هو أن القضاء الإسباني قضاء مستقل ولا يسير بالتعليمات مثل قضائنا. وليست هذه هي المرة الأولى التي ترسم فيها مجلة «خميس» أفرادا من العائلة الملكية في أوضاع جنسية، فقد سبق لها أن رسمت الملك والملكة وأبناءهما وزوجاتهم في أوضاع ساخرة ولم تتم متابعة أي صحافي من المجلة بالمادة 490 من القانون الإسباني الذي ينص على الحكم بالسجن لمدة قد تصل إلى عامين لكل من يهين الملك أو عائلته.وإذا كان القاضي الإسباني لم يأمر باعتقال مدير مجلة «خميس» الذي سمح بنشر كل تلك الرسوم الساخرة، ولا باعتقال الرسام «الشرير» الذي رسم ولي العهد وهو «يعمل» مثل بقية الشعب على الرفع من نسبة الولادات في إسبانيا، فلأن القضاء الإسباني لا يعتبر رسم الملك وعائلته بشكل ساخر إهانة لهم. وليست هناك جريدة أو مجلة إسبانية تخلو من رسومات تتناول تصريحات الملك أو أحد أفراد عائلته بسخرية حادة، تصل أحيانا إلى درجة التجريح الشخصي. وفي نشرة الأخبار الساخرة على كنال بلوس الإسبانية غالبا ما تحضر مونيكة الملك خوان كارلوس ومونيكة زوجته في بلاطو النشرة الساخرة لكي يقشب عليهما مقدم النشرة. هذه اسمها حرية التعبير، والملك يعرف أنه إذا قام بمنع مثل هذه الرسومات والبرامج الساخرة التي تناوشه وتتناول تصريحاته ومواقفه بالنقد اللاذع فإنه سيكشف عن ضيق قشابته، وسيجلب عليه المزيد من السخرية. فالصحافة مثلها مثل النحل، إذا تعاملت معها بعدوانية فإنها تطاردك وتهاجمك، وأحيانا بوحشية. وكم من مسؤول كبير ووزير ورجل أعمال أرسلته الصحافة إلى القبر بعد أن دفعته إلى إطلاق رصاصة الرحمة نحو صدغه.لذلك يفضل خوان كارلوس أن يتبادل النكات الساخرة مع الصحافيين عندما ينهي تقديم خطاب أو حوار صحافي، حتى أصبح معروفا عنه أنه صاحب نكتة وروح خفيفة.في المغرب كدنا نحن أيضا أن تكون لنا «خميس» خاصة بنا اسمها «دومان ماغازين»، لكن القضاء المغربي «المستقل جدا» قرر منعها، وليست هي وحدها بل منع مديرها من الكتابة ولعشر سنوات في سابقة قضائية ساخرة من نوعها. وكأن القضاء أراد أن يقول للزميل علي المرابط مدير مجلة «دومان» الممنوعة، «تضحك على العمارية ديال الملك نهجروه ليك».والحكاية وما فيها أن علي المرابط زغبو الله ونشر صورة مركبة يظهر فيها إدريس البصري جالسا فوق عمارية يحملها زعماء الأحزاب السياسية ويطوفون به في أرجاء فيلته التي استدعى إليها كل هؤلاء الزعماء السياسيين احتفالا بزفاف ابنه. وقد كانت نية المرابط هي أن يسخر من هؤلاء الزعماء السياسيين الذين كانوا ينتقدون إدريس البصري في جرائدهم كل يوم، والذين بمجرد ما أرسل إليهم البصري دعوة لحضور زفاف ابنه سارعوا إلى تلبيتها بفرح.المشكلة أن العمارية التي نشرت على صدر «دومان» لم تكن واحدة من تلك العماريات التي تكتريها العائلات من عند نقاشات الأعراس وإنما كانت هي العمارية نفسها التي جلس وسطها الملك بمناسبة زفافه. ومن هنا تسمية محاكمة علي المرابط بمحاكمة العمارية المقدسة. والبقية تعرفونها بلا شك.الذين يقرؤون جريدة لوموند الفرنسية يستمتعون كل يوم بكاريكاتيرات الرسام الكبير «بلانتي». وقد اختار «بلانتي» أن يجعل من الرئيس الفرنسي ساركوزي بطله اليومي، أو ضحيته اليومية على الأرجح. فهو يصلبه يوميا على صدر الصفحة الأولى ويسخر منه بشكل قاس أحيانا. فقد رسمه على هيئة إمبراطور وعلى هيئة ملك وعلى هيئة مصاص دماء وعلى هيئة ساحر شرير، الحاصول الرجل عجب بيه وخرج فيه الشيب لخضر. ورغم أن ساركوزي كان دائما متضايقا من ريشة «بلانتي» السليطة التي ظلت تطارده منذ أن كان وزيرا للداخلية، إلا أنه لم يتصل بالرسام الساخر سوى لكي يطلب منه بأدب شيئا واحدا، وهو أن يتكرم ويزيل سرب الذباب الذي كان يرسمه محلقا فوق رأسه كلما رسمه. في الأول استغنى «بلانتي» عن سرب الذباب وأبقى على ذبابة واحدة تحوم حول رأس ساركوزي، وعندما أصبح هذا الأخير رئيسا لفرنسا أزال الذبابة اليتيمة المتبقية ومطط جانبي شعر فخامة الرئيس حتى أصبحا يشبهان قرني جني صغير وشرير.رئيس واحدة من أقوى دول العالم يطلب من رسام لا سلاح له سوى ريشته أن يتكرم ويزيل عن رسمه ذبابة. وقاضي التحقيق عندنا يأمر باعتقال مدير جريدة وصحافي بها بسبب نشر وثيقة «غاية في السرية» تدعو الحاميات العسكرية إلى التزام الحيطة والحذر من عمليات إرهابية وشيكة. هل هذا بربكم سر من أسرار الدفاع الخطيرة التي قد يعرض نشرها أمن البلاد الداخلي والخارجي للخطر. إذا كان هذا سرا من أسرار الدولة فإن السيد بنموسى وزير الداخلية وزميله الناطق الرسمي باسم الحكومة بنعبد الله يفشيانه هذه الأيام صباح مساء في التلفزيون وأمام الصحافة. قبل يومين نشرت جريدة «الغارديان» البريطانية وثيقة سرية للجيش البريطاني تتحدث عن وجود مشاكل داخلية في هذا الجيش. ولم نسمع أن قاضي التحقيق أمر باعتقال مدير الجريدة بتهمة نشر وثيقة غاية في السرية. لأن حكاية «غاية في السرية» هذه تعني الجيش ولا تعني الصحافي في شيء. ما تعتبره بعض الأجهزة سرا مهنيا تعتبره الصحافة سبقا صحافيا. كلها وخدمتو.والغريب هو أن نسمع في هذه الأيام بالضبط حيث مؤسسة الجيش شاهرة مخالبها في وجه الصحافة عن توقيف كتيبة مغربية عاملة ضمن بعثة الأمم المتحدة في ساحل العاج بعد أن وجهت إليهم تهمة بممارسة الجنس على فتيات قاصرات لم تتجاوز أعمارهن ثلاث عشرة سنة. ربما سنسمع قاضي التحقيق يسأل أريري إن كان له دور في تسريب وثائق بخصوص هذه الفضيحة التي شوهت وجه المغرب أمام المنتظم الدولي إلى الصحافة. فالصحافي في هذه البلاد يجب أن يكون مستعدا لأسوأ الاحتمالات والاتهامات، ماتعرف الوقت آش تجيب.هناك شيء ما فاسد في مؤسسة الجيش، وإذا كانت الوثائق السرية لهذه المؤسسة تغادر أسوارها سرا فإن أطنانا من البنزين والمواد الغذائية تغادرها سرا أيضا دون أن يتجرأ أي قاضي تحقيق في المملكة ويفتح تحقيقا لمعرفة مآلها.ربما حان الوقت لكي تتجدد الدماء في هذه المؤسسة العجوز، فعندما يصل الجنرال إلى عمر متقدم يستيقظ في الصباح مرتجفا فيعتقد أن المدفأة معطلة، والواقع أنه يرتجف لأن الروماتيزم استوطن مفاصله، أما المدفأة فتعمل كعادتها كل يوم. برأيكم من يستحق أن يتغير، المدفأة أم الجنرال العجوز ؟

Aucun commentaire: