mardi 24 juillet 2007

الصباح :صحافيون فرنسيون يتضامنون مع أريري وحرمة الله وينددون بتراجع حرية التعبير في المغرب

بينما يعيش قطاع الإعلام الخارجي حالة من الترقب الشديد لما أعلن عنه ساركوزي أثناء حملته الانتخابية، من تقويم وتحديث، يستعد صحافيون فرنسيون للقيام بحملة إعلامية للتنديد بواقع الصحافة في المغرب على خلفية قضية «الوطن الآن»
الثلاثاء الإعلام الخارجي
منذ صعود ساركوزي إلى سدة الحكم يعيش قطاع الإعلام الخارجي حالة من الترقب الشديد ممزوجة بما يكفي من الخلعة وصداع الراس، ذلك أن الرئيس الفرنسي سبق وأن أعلن إبان حملته الانتخابية عن عزمه إعادة هيكلة هذا القطاع تماشيا مع برنامجه الإصلاحي العام الذي يهدف إلى تقويم القطاع العام وتحديثه. لكن ماذا نعني بقطاع الإعلام الخارجي فرنسيا: إنه يشمل كل المؤسسات الإعلامية التي تخاطب الرأي العام الخارجي وعلى رأسها قناة «تي في سانك» TV5 التي تبث برامجها في العالم أجمع ويشاهدها أكثر من مائة مليون عبر العالم، بفضل تواجدها في غالبية شبكات البث الرقمية والأقمار الاصطناعية وهي تخاطب كل الناطقين بلغة موليير وتتعاون مع القنوات العامة في بلجيكا وسويسرا وكندا وتتمتع بمتابعة قوية في البلدان المغاربية والإفريقية الناطقة بالفرنسية. ثم هناك قناة RFO التي تبث برامجها في جزر الأنتيل وتاهيتي ومدغشقر ومجمل المناطق الداخلة في خانة أراضي ما فوق البحار. إذاعيا يشمل قطاع الإعلام الخارجي أيضا راديو RFI أي إذاعة فرنسا الدولية التي تُلتقط في كل بلدان العالم عبر الموجات الطويلة ولديها عقد مع بعض الدول الإفريقية، منها الكاميرون والسنغال وساحل العاج وتشاد وجيبوتي وموريتانيا، تتيح لها البث عبر موجات الإف إم. وهذه الإذاعة كانت ولا تزال صوت فرنسا في الخارج وتتمتع بقوة تأثير كبيرة في بعض البلدان الإفريقية، حتى أن مكاتبها تفتح وتغلق حسب طبيعة الانقلابات العسكرية. وأول ما يفعله الضباط في بعض تلك الدول المعروفة بتقلباتها السياسية هو احتلال مكتب هذه الإذاعة الفرنسية وإجبار الصحافيين على إذاعة تقارير تناسبهم. وتتوفرRFI على شبكة مراسلين ضخمة في مجمل أنحاء العالم وعلى طاقم في المقر المركزي بباريس يضم حوالي ألف عامل من صحافيين وتقنيين وموظفين وهي تشبه في أكثر من موضع الـ«بي بي سي» البريطانية. أما القطب الإذاعي الثاني في قطاع الإعلام الخارجي فهو راديو مونتي كارلو الشرق الأوسط الذي تم تغيير اسمه قبل بضعة شهور ليصير مونتي كارلو الدولية. وهي إذاعة ناطقة بالعربية شهدت ازدهارا كبيرا في فترة السبعينيات وكانت موجهة بالأساس إلى منطقة الشرق الأوسط. وقد اشترتها RFI عام 1995 وأدمجت فيها قسمها العربي لتصير إذاعة فرنسية مائة في المائة. وإن كانت مونتي كارلو تاريخيا إذاعة لبنانيين ومشارقة فقد تحولت في السنوات الأخيرة إلى إذاعة عربية متنوعة ونصف العاملين فيها الآن من دول المغرب العربي وهي تطمح في حضور قوي بالمغرب العربي عبر بث على قنوات الـ«إفم إم» مثلما هو الحال في سوريا ولبنان والكويت والإمارات وقطر والبحرين والأردن والســـــــــــــــــــــــودان وجيبوتي وموريتانيا، لكن الحساسيات السياسية في تونس والجزائر والرباط تحول دون ذلك. وقد قدمت مونتي كارلو رفقة RFI في العام الماضي طلبا إلى وزارة الإعلام المغربية للترخيص لها بالبث عبر الـ«إف إم» إسوة بإذاعة سوا الأمريكية لكن الطلب قوبل بالرفض. وحسب ما يروج فإن مونتي كارلو كانت ضحية لوبي قوي لإذاعة ميدي 1 في الإليزيه يتزعمه مديرها كازالطا الذي كان يتوفر على علاقات قوية مع مستشاري جاك شيراك.
السبت تحية باريسية إلى أريري وحرمة الله
قبل أسبوعين كتبت في هذه الصفحة عن حالة القلق التي انتابت الجالية المغربية في فرنسا ولا تزال بسبب الإعلان الرسمي لخطر إرهابي وشيك على المغرب ورصدت حينها تخوفات وسخط بعض المغاربة الذين كانوا يتأهبون للإقلاع في اتجاه بلدهم لقضاء العطلة الصيفية واستغرابهم من هذا الوثوق الرسمي جدا بالضربة الجاية وكأنهم رصدوها بآلة مقربة وهم يصاحبونها إلى أن تقع في ما يشبه العد التنازلي. هكذا وضعنا أيدينا على قلوبنا في انتظار أن تتفرقع هنا أو هناك في مغربنا الحبيب قنبلة ما أو سيارة مفخخة أو جسد منهك بالغبن والكبت. غير أن الضربة أتت مباغتة ومن قنت لم نكن ننتظره بتاتا. ففي انتظار الإرهابيين الذين صاروا كالأشباح الماردة نزلت الضربة على واحد من أنبه صحافيي هذه البلاد وأكثرهم احتراما للمهنة وللوطن وأقصد بذلك الصديق والزميل عبد الرحيم أريري مدير أسبوعية «الوطن الآن»، الذي اقتادته قوات الأمن رفقة زميله حرمة الله إلى وجهة سرية للتحقيق معه وانتزاع اعتراف منه بشأن هوية مصدر وثيقة نشرتها الأسبوعية واعتبرتها السلطات في غاية السرية وجاءت في إطار ملف متكامل حاولت من خلاله «الوطن الآن» تسليط الضوء على «التقارير السرية التي حركت حالة الاستنفار بالمغرب» وتنوير القارئ بخلفيات الاستنفار المغربي ضد الإرهاب وتوضيح أسبابه للقارئ. وهو جهد مشكور ويدخل في صلب المهمة الإعلامية لأي صحافي كان. أحد الزملاء الفرنسيين في قسم الأخبار بإذاعة فرنسا الدولية الذي كان دائما يواجه نبرتنا التفاؤلية من مغرب اليوم، بكثير من الحذر ويقلل من تعويلنا على «ديمقراطية العهد الجديد» أشهر في وجهي قصاصة وكالة الأنباء الفرنسية حول اعتقال أريري وحرمة الله ساخرا بفرنسية لاذعة «ألم أقل لكم أن ديمقراطيتكم مجرد مساحيق وأن المغرب ليس حتى في مستوى مالي أو موريتانيا أو البحرين في ما يخص حرية الصحافة؟». لديه الحق زميلنا الفرنسي وزملاء آخرون استغربوا هذا الاستنفار الأمني المغربي في حقه صحيفة لم تفعل سوى الحد الأدنى من واجبها الإعلامي لتبديد الظلمات التي أحاطت ولا تزال بموضوع الإرهاب في المغرب. وكما هي عادة الصحافيين الفرنسيين كلما تعلق الأمر بانتهاك حرية الصحافة فقد عبر الكثيرون منهم عن شجبهم للطريقة المهينة التي عومل بها أريري وحرمة الله وهم مستعدون للقيام بحملة إعلامية في فرنسا للتنديد بالتراجع المهول في التعامل مع الجسم الصحافي في المغرب. غير أننا في الواقع لم نكن في حاجة إلى كل هذه الشوهة وكنا حتى وقت قريب نعتبر أن الوقفات الاحتجاجية أمام السفارة المغربية في باريس للتنديد بخرق حرية الإنسان والتضامن مع معتقلي الرأي قد ولت وها هي الآن مرشحة للعودة بقوة بعد أن تراكمت الخروقات في حق المناضلين والمبدعين في المغرب رغم كثرة المهرجين في وسائل الإعلام وخارجها الذين يتشدقون بنعيم ديمقراطية وهمية وبحرية زائفة لا يثق فيها حتى الصراصير في بلد الواقواق.
باريس -عبدالإله الصالحي

Aucun commentaire: